مجلة ريحانة الالكترونية

آداب بذل المال في سبيل الله(2)

الإسلام يحثّ على أن يكون إنفاق المال لغاية سامية أطلق عليها القرآن (سبيل الله ) ،

فمثل هذا الإنفاق يباركه الله تعالى لكونه يخدم مبدأ التكافل ، من خلال تقديم العون والمساعدة للآخرين بنية خالصة ، وبشرط أن لا يصاحب مثل هذا الإنفاق المنّ أو الأذى ، قال عزّ من قائل : ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٣). وعليه فالله تعالى يعتبر المال أمانة في يد حامله ، وعليه أن يحسن التصرف بها ، وأن ينفقها في سبيله ، وليس من أجل الرِّياء أو السمعة الفارغة ، لذلك يعتبر الذي ينفق أمواله من أجل الرِّياء من قرناء الشيطان ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ) (١).
ولم يأل أئمة أهل البيت : جهداً من أجل توعية شيعتهم على إدراك وظيفة المال الاجتماعية ، ورسالته التكافلية ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « فمن آتاهُ الله مالاً فليصل به القرابة ، وليُحسن مِنهُ الضيافة ، وليفُكَّ به الأسير والعاني ، وليُعط مِنهُ الفقير والغارِمَ » (٢) ، وعنه عليه‌السلام : « أفضل المال ما قضيت به الحقوق » (٣).
ولم تكن وصايا أمير المؤمنين عليه‌السلام مجرّد كلمات تطلق في الفضاء كحال المنظرين ، بل كانت تترجم إلى سلوك سويّ ، شهد عليها التاريخ وسجلها الثقات ، قال أبو صالح السمّان : « رأيت عليا دخل بيت المال فرأى فيه مالاً ، فقال : هذا ها هنا والناس يحتاجون ! فأمر به فقسّم بين الناس وأمر بالبيت فكنس فنضح وصلّى فيه » (٤).
وعن هارون بن مسلم البجلي عن أبيه قال : « أعطى علي عليه‌السلام الناس في عام واحد ثلاث اُعطيات ثم قدم عليه خراج أصفهان فقال : أيها الناس ، اغدوا فخذوا ما أنا لكم بخازن ، ثم أمر ببيت المال فكنس ونضح ، فصلى فيه ركعتين ثم قال : يا دنيا غري غيري ... » (١).
************************
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٦١ ـ ٢٦٢.
(١) سورة النساء : ٤ / ٣٨.
(٢) تصنيف نهج البلاغة / لبيب بيضون : ٦٤٨.
(٣) عيون الحكم والمواعظ : ١٢٢.
(٤) انساب الأشراف / البلاذري : ١٣٣ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، والدعوات / الراوندي : ٦٠ ، مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ، ط ١ ـ ١٤٠٧ ه‍ ق.
(١) الغارات / إبراهيم بن محمّد الثقفي ١ : ٨٣ ، مطبعة بهمن ـ إيران ، ونحوه في شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٢ : ١٩٨ ، دار إحياء الكتب العربية.

 

شارك هذا المقال

التعليق 0

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

من نحــن

مجلة ريحانة الالكترونية تعنى بجميع شؤون المرأة التي تناولها القرآن الكريم والسنة الشريفة. تعمل هذه المجلة تحت مجموعة شبكة رافد للتنمية الثقافية وهي مجموعة ثقافية تحت إشراف مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
علماً بأن عنوان هذه المجلة قد تم اقتباسه من الحديث الشريف عن أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليه السلام): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(نهج البلاغة)

أحدث المقالات

اسألي الفقيه